مستقبل سبتة ومليلية: قلق متزايد في إسبانيا بسبب تصريحات ترامب بشأن المنطقة

أثار تقارب المغرب مع الولايات المتحدة ومواقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن المنطقة قلقًا في إسبانيا، خاصة في ما يتعلق بمستقبل مدينتي سبتة ومليلية. وفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة سوسيومتريكا لصالح صحيفة “إل إسبانيول”، أعرب أكثر من 70% من الإسبان عن قلقهم من تحركات محتملة من قبل المغرب تجاه المدينتين المحتلتين، لا سيما بعد تعزيز العلاقة بين الرباط وواشنطن.

الاستطلاع، الذي شمل 1,012 شخصًا، أظهر قلقًا عميقًا بين المواطنين الإسبان. كانت هذه المخاوف أكثر وضوحًا بين ناخبي الحزب الشعبي (PP)، حيث عبر 88.8% منهم عن خوفهم من تقدم مغربي على سبتة ومليلية، بينما بلغ الرقم 86.6% بين ناخبي حزب فوكس. في حين أن نسبة القلق بين ناخبي الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (PSOE) كانت أقل، حيث وصلت إلى 47.3%، أما بين مؤيدي الأحزاب القومية فقد أبدى 67% منهم قلقًا مماثلًا بشأن تصعيد محتمل في المطالبة بالمدينتين.

من جهة أخرى، تناولت وسائل الإعلام المغربية هذا الاستطلاع واعتبرته دليلًا على الخوف في إسبانيا من تداعيات علاقاتها مع المغرب في المنطقة الشمالية الإفريقية. ورغم ذلك، بقيت الحكومة المغربية صامتة رسميًا، مشيرة إلى أنه يتم التعامل مع القضية في إطار من التعاون الثنائي مع مدريد.

تعزيز الاستراتيجية الاقتصادية للمغرب

في الوقت ذاته، تواصل العلاقات التجارية بين المغرب وإسبانيا فرض تحديات على الجانبين. عدم فتح المعابر التجارية في سبتة ومليلية بشكل كامل يتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة لكل من المدينتين والمناطق الحدودية المغربية القريبة. ورغم بعض التقدم في هذا المجال، يبدو أن المغرب قد اختار استراتيجية “الاختناق التجاري” للمدينتين الإسبانيتين، ما يعوق نشاطها الاقتصادي.

في المقابل، يواصل المغرب تعزيز بنيته التحتية في مدن قريبة مثل الناظور، حيث من المتوقع أن يتلقى ميناؤها استثمارات ضخمة في المستقبل القريب. وقد تم تفسير هذه الإجراءات على أنها محاولة لتعزيز البدائل الاقتصادية داخل المغرب وتقليل أهمية سبتة ومليلية في المنطقة.

غياب الدعم من الحكومة الإسبانية

لا يقتصر القلق بين سكان السلطات المحلية في سبتة ومليلية على موقف المغرب فقط، بل يمتد أيضًا إلى غياب الإجراءات الفعلية من الحكومة الإسبانية لدعم اقتصادات المدينتين. حيث أبدت قطاعات سياسية واجتماعية مختلفة استياءها من أن حكومة بيدرو سانشيز لم تبذل جهودًا كافية لضمان التنمية الاقتصادية للمدينتين أو لتحديد إطار داخل الاتحاد الأوروبي يحمي هويتهما الإسبانية.

هذا العجز في اتخاذ تدابير ملموسة يعزز حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل سبتة ومليلية، مما يزيد من تعقيد الوضع بسبب الموقف الغامض للمغرب وتوسيع نفوذه في المنطقة.

تعزيز الدفاع في المدينتين

في ظل هذا الوضع، عاد تعزيز الدفاع في سبتة ومليلية إلى جدول الأعمال السياسي. من جانب قطاعات محافظة وقومية، تمت المطالبة من الحكومة بزيادة الإنفاق على الدفاع كإجراء أمني لمواجهة التهديدات المحتملة، وهي مطالبة جاءت ضمن اتفاق بين الحزب الاشتراكي وحزب الشعب لضمان الاستقرار الإقليمي.

وقد زادت النقاشات حول الدفاع بعد أن ألمح دونالد ترامب إلى أنه في حال عودته إلى السلطة، قد يعيد النظر في التزامات حلف الناتو، ما أثار قلقًا في إسبانيا حول مستوى الحماية الذي يمكن أن تحظى به سبتة ومليلية في حال حدوث صراع.

الحديث عن “المسيرة الخضراء” في النقاش

أحد الحوادث الأخيرة التي أثارت الجدل حول مستقبل مليلية كان التكهن حول إمكانية تنفيذ “مسيرة خضراء” مشابهة لتلك التي قام بها المغرب عام 1975 . ومع ذلك، رفض رئيس مدينة مليلية، خوان خوسيه إمبرودا، هذه الفكرة، واصفًا إياها بأنها “اختراع” وأكد أنه لا توجد دلائل حقيقية على أن الرباط تخطط لهذا النوع من التحركات.

على الرغم من ذلك، لا يزال القلق قائمًا في النقاش العام والسياسي، خاصة مع استمرار صمت المغرب وعدم اتخاذ الحكومة الإسبانية موقفًا واضحًا في هذا الشأن.

عن “ال فارو دي مليلية”

 

 

 

 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي