اجتهد وزير التربية الوطنية السي شكيب بنموسى كثيرا، وأرهق نفسه في البحث عن تبريرات مقنعة لصفقة الباكالوريا الرقمية.
الرجل كال المديح لهذه الباكالوريا… لكنه لم يقل لنا طبعا كم ستكلف، وكيف انتهت هذه الصفقة لجهة معينة..؟.
يحدث هذا في ظل ما نعاينه من إسهال القرارات الصادرة عن فريق الأحلام الذي جلبه بنموسى.
فريق يتأكد لنا يوما بعد يوم أنه سيصنع بالكثير من التهور والزيادة في العلم نسخة جديدة من الفشل، و الفضائح المالية التي ستختفي طبعا تحت غطاء النية في إصلاح التعليم.
جميل أن يحصل التلاميذ المغاربة في أجمل بلد في العالم على باكالوريا رقمية متطورة، لكن من الأفضل لهم أن يحصلوا قبل ذلك على تعليم جيد.
دور النكافات هو إخفاء عيوب العروس…وهوما تقوم به الوزارة حاليا عبر سلسلة من القرارات والخطوات والمشاريع التي تتجاهل المرض الحقيقي الذي يعاني منه التعليم.
مشاريع البهرجة، والبحث عن تسويق خطوات غير محسوبة ومتسرعة قد تزيد فقط من تعميق أزمة التعليم.
نقول هذا مادامت كل المؤشرات وبشهادة أهل الدار تؤكد أن الوزير بنموسى لا يملك تصورا واضحا، ويجرب الضغط وبكثير من الغطرسة على كل الأزرار لعل الآلة المعطوبة تشتغل.
لا ننظر لنصف الكأس الفارغ، بل نستغرب لسلسلة من الصفقات الضخمة التي تتم على حساب الأولويات.
لقد جربنا في وقت سابق صفقة الباكالوريا المؤمنة على عهد الوزير بلمختار والنتجية واحدة.
يحصل ملايين التلاميذ المغاربة على مجرد ورقة تعترف لهم بالنجاح في هذا الامتحان الذي صار بمثالة عذاب نفسي بدل أن يحقق غايته في فتح أبواب المستقبل.
قبل طبع شهادة الباكلوريا في دار السكة كان الجميع يتسلم ورقة عادية، وباهتة، لكنها محترمة، في زمن كان فيه التعليم العمومي بصحة تسعفه على جعل التعليم الخاص حكرا على الكسالى والمشاغبين والمطرودين.
اليوم هناك إصرار عنيف على قلب الآية من خلال تفريخ سلسلة من المشاريع التي ستجر التعليم للحيط مادام أن الفلوس موجودة ولهذا السبب نتوقع أن نعيش نسخة منقحة من فضائح البرنامج الاستعجالي.
الإصلاح يقتضي الوضوح والإرادة والاعتراف بالسبب الحقيقي للمشكل عوض البحث عن تبريرات نغطي بها الرتبة “الفضيحة” التي يحصل عليها التلاميذ المغاربة في برامج التقويم الدولي سنويا، والتي تجعلنا نتموقع كالعادة في “ذيالة” الترتيب.
هذه الرتب ليست قرصة أذن فقط، بل هي صفعة مدوية على وجه من لا زالوا ينكرون الأزمة العميقة التي يغرق في قطاع التعليم العمومي، والتي هي طبعا ليست مرتبطة بالإكراهات المالية والبشرية أو المناهج، بل تتجاوز ذلك إلى حقيقة التعليم الذي نريده، ونوايا الإصلاح الذي نسعى إليه، وطبيعة المنتج النهائي التي ترغب الدولة في الحصول عليه.
اليوم يتأكد أن الركوب على بعض الانجازات الفردية والعصامية لتلاميذ متفوقين من اجل تسويق دعاية كاذبة حول نجاح الإصلاح لا يجدي.
رتب تلاميذنا المخجلة هي في الحقيقة هي دليل على أن البنك الدولي كان صادقا ولو لمرة واحدة حين قال أن تعليمنا بحاجة إلى معجزة.
معجزة تؤكد جميع المؤشرات والتدابير المتخذة على الأرض أنها ستبقى عصية إلى إشعار آخر، مهما توالت التصنيفات الدولية التي تسقط ورقة التوت تباعا عن المتحكمين الحقيقيين في تحديد مسار “اولوية وطنية” كما قيل لنا دون أن نصدق ذلك.
تعليقات ( 0 )