وسط أزمة اقتصادية طاحنة.. السيسي يعول على الدعم السعودي بعد انتقادات لهيمنة الجيش

في ظل أزمة اقتصادية تمر بها بلاده، وبعد فترة من حديث عن فتور في العلاقات بين القاهرة والرياض، زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مدينة جدة في السعودية الاثنين الماضي، والتقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء.

وقال المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن السيسي وبن سلمان أشادا بالعلاقات التاريخية الوثيقة والمتميزة التي تربط البلدين الشقيقين على جميع المستويات.
وأضاف: السيسي وبن سلمان أكدا على أهمية الزيارة في مواصلة تطوير العلاقات الأخوية، والحرص المتبادل على تعزيز التعاون المشترك في جميع المجالات بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، بالإضافة إلى مواصلة التنسيق والتشاور تجاه التطورات والقضايا الإقليمية والدولية.
وأعلن مجلس الوزراء السعودي، أن اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، استعرض العلاقات الوثيقة والتاريخية بين البلدين الشقيقين وآفاق التعاون المشترك وسبل تعزيزه وتطويره في مختلف المجالات.
وأوضح وزير الإعلام السعودي سلمان بن يوسف الدوسري، أن المجلس تناول إثر ذلك، مستجدات أعمال الدولة في مجال السياسة الخارجية، ولاسيما على صعيد تعزيز أواصر التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، والعمل نحو الارتقاء بالعلاقات ودفعها إلى آفاق أرحب بما يخدم المصالح المشتركة.
وشهدت الجلسة حسب البيان، مناقشة مجمل التطورات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية، وما يواجهه المجتمع الدولي من تحديات تمس الأمن والسلام، مجدداً التأكيد في هذا السياق على ما توليه المملكة من أهمية قصوى لتوطيد الاستقرار وبما يفسح المجال لتحقيق التنمية والازدهار في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع.
وجاءت الزيارة في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تشهدها مصر خاصة في توفير الدولار الأمريكي لاستيراد احتياجات البلاد وسداد أقساط الديون، وبعد تلاسن إعلامي مصري سعودي، كشف عن أزمة في العلاقات بين البلدين، على خلفية موقف الرياض من منح القاهرة مزيدا من المساعدات الاقتصادية، وتشدد مصر في تسليم جزيرتي تيران وصنافير التي انتقلت السيادة عليهما إلى المملكة بموجب اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
وكان التلاسن المتبادل بين إعلاميين مقربين من السلطة في مصر والسعودية لبعضهم البعض، دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للتأكيد عن أن علاقة بلاده طيبة بالدول الشقيقة، متهما مواقع وصفها بالمغرضة بمحاولة إحداث فتنة بين الدول.
وظهرت الخلافات بين القاهرة والرياض، في أعقاب إعلان صندوق النقد الدولي عن منح مصر قرضا جديدا بقيمة 3 مليارات دولار لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، إضافة إلى توفير حزمة تمويلية بقيمة 14 مليار دولار من دول الخليج على أن تردها مصر من خلال بيع أصول مملوكة للدولة.
ففي أعقاب إعلان صندوق النقد، خرج وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي في 18 يناير الماضي، قائلا: «إننا اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة من دون شروط، ونحن نغيّر ذلك، نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات، نفرض ضرائب على شعبنا ونتوقع من الآخرين فعل الأمر نفسه، وأن يبذلوا جهداً، نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم».
ولم يقتصر الأمر على تصريح وزير المالية السعودي، حيث نشر الكاتب والأكاديمي السعودي السابق تركي الحمد، تغريدات تنتقد نظام الحكم والجيش المصري.
وقال الحمد: «لدينا نموذجان لمصر: مصر المزدهرة قبل عام 1952 ومصر الطموحة بعد ذلك التاريخ، وفي المقابل، هناك مصر بواقعها الحالي، أي مصر البطالة، وأزمات الاقتصاد والسياسة ومعضلات المجتمع وتقلباته الجذرية العنيفة التي لا تنتمي لأي نموذج، ملكيا كان أم جمهوريا».
وأعاد الحمد، الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر، إلى هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة، وخاصة الاقتصاد، بحيث لا يمر شيء في الدولة المصرية إلا عن طريق الجيش وبإشرافه، ومن خلال مؤسسات خاضعة للجيش، ولصالح متنفذين في الجيش.
في المقابل، شنّ رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية» الحكومية المصرية، عبد الرازق توفيق، هجوما على السعودية في مقاله الذي حمل عنوان: «الأشجار المثمرة.. وحجارة اللئام والأنذال».
وقال توفيق في المقال الذي عادت صحيفة الجمهورية وحذفته: «ثبات وحكمة الموقف المصري والإدارة الرشيدة للتحديات والضغوط، أزعجت البعض ممن نحسبهم أشقاء وأصدقاء بالإضافة إلى العدو التقليدي، لذلك انبرى إعلام هذه الدول في الهجوم والإساءة لمصر».
الأزمة تضمنت أيضا التأخير من الجانب المصري في تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، مع انتهاء مهمة القوات الأمريكية هناك.
وفيما تبرر القاهرة موقفها بتحفظات فنية على بنود في الاتفاق، منها تركيب كاميرات في الجزيرتين التي تتعلق بهما الاتفاقية، فيما يفترض أن تستعين القوة متعددة الجنسيات الموجودة بالجزيرتين بتلك الكاميرات لمراقبة النشاط الجاري فيهما، وكذلك في مضيق تيران. ويرى خبراء أن الموقف المصري يأتي ردا على رفض المملكة تقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية.
واستبقت وسائل الإعلام المصرية المحسوبة على نظام الرئيس السيسي الزيارة بنشر موضوعات عن العلاقات بين البلدين، قالت فيها، إن العلاقة المصرية-السعودية، تشهد تطوراً ملحوظاً خصوصاً أنها تاريخية ومبنية على التعاون الاستراتيجي والتنسيق المستمر تجاه القضايا التي تهمُّ البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية.
وكانت آخر زيارة للسيسي إلى الرياض في ديسمبر الماضي للمشاركة في القمة العربية الصينية، وشهدت الزيارة مباحثات ثنائية تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية خاصة في المجال الاقتصادي والاستثماري.
وسبق ذلك زيارة للرئيس السيسي في يوليو الماضي للمشاركة في «قمة جدة للأمن والتنمية» بمشاركة قادة العراق والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية.
استبق الزيارتين زيارة قام بها ولى العهد السعودي إلى مصر، يونيو الماضي، جرى خلالها توقيع 14اتفاقية بقيمة استثمارات تتجاوز 29 مليار ريال.
وتشير تقديرات لحجم الدعم الذي تلقته القاهرة من الخليج، منذ ثورة 25 كانون يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس المصري محمد حسني مبارك، بنحو 92 مليار دولار.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء (حكومية) عن ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين مصر والسعودية عام 2022 بنسبة 13.5 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
وحسب بيان الجهاز، سجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية في عام 2022 إلى 10.4 مليار دولار مقابل 9.1 مليار دولار خلال عام 2021.
وسجلت قيمة الصادرات المصرية للسعودية 2.5 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 2.2 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع 11.2 في المئة.
فيما بلغت قيمة الواردات المصرية من السعودية 7.9 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 6.9 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع 14.3 في المئة.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي