يحتفل العالم يوم 13 فبراير من كل سنة باليوم العالمي للإذاعة. وتقرر أن يكون الاحتفال هذه السنة تحت شعار (الإذاعة والسلام) وهو شعار جميل ويحمل دلالات عديدة حيث إن الحاجة أضحت ماسة لمساهمة وسائل الإعلام، ومنها الإذاعة، في نشر ثقافة السلام والتصدي لخطابات العنصرية والتطرف والغلو في عالم مضطرب تتهدده الحروب، وتعيق الأمن والسلم في مناطق عديدة بسبب النزاعات المذهبية والإيديولوجية، وتصرفات جهات عنصرية اقصائية تدعو للكراهية والتمييز العنصري.
يعتبر الراديو من أهم وسائل الاتصال الجماهيري، وأكثرها ذيوعا وانتشارا، كما أنه يمتاز بالفورية وتخطي حدود الزمان والمكان، وينمي ويثري الخيال. ويعتبر الراديو جامعة شعبية كبيرة على الهواء تخاطب المتعلم والأمي، وينقل الثقافة والعلم والأخبار، والفن والترفيه وإذا كان هدف الراديو هو الاستحواذ على المستمع، فإن النجاح في هذه المهمة يتطلب البحث عن أصول ثابتة ومدروسة للأشخاص المكلفين بتقديم البرامج الإذاعية وتوصيلها إلى المستمعين. لذلك فإن كل متعامل مع الميكرفون في دائرة الإنتاج والتقديم يجب أن يتصف بصفات ومميزات محددة، وفي مقدمتها الإلمام التام بالوسيلة وطبيعتها ومتطلباتها، والإلمام بالجمهور المتلقي واحتياجاته ورغباته ومتطلباته، والتمكن من مهارات الإلقاء في جوانبها الصوتية واللغوية والنفسية، واستيعاب تقنيات التحاور مع الضيوف في الأستوديو ومع المستمعين عبر الهاتف، وفوق هذا وذاك المعرفة التامة بكل ما يتعلق بالمادة المذاعة
في ظل تنوع وتعدد الخدمات الإذاعية اليوم في المغرب حيث توجد 16 محطة إذاعية تابعة للقطب العمومي و19 محطة إذاعية خصوصية، يتبين أن هناك حاجة ماسة اليوم للتوعية بأهمية دور البرامج الحوارية في الإذاعة، وتبادل الخبرات بين الإعلاميين العاملين في الإذاعات.
كما أن معاهد وكليات الصحافة والإعلام مدعوة إلى العناية في مقرراتها ومناهجها الدراسية بالمتطلبات الفنية والمعرفية لتطوير البرامج الحوارية الإذاعية. وعلى المسؤولين كذلك تشجيع المحطات الإعلامية العمومية والخاصة على ممارسة دورها في الترويج لثقافة الحوار وإشاعة روح التسامح.
وتمثل البرامج الحوارية في الإذاعة بأنواعها وأقسامها العمود الفقري لكثير من البرامج الإذاعية المسموعة، وتكتسي البرامج الحوارية أهمية بالغة لكونها تمد جمهور المستمعين بالمعلومات المهمة المتعلقة بالأحداث الجارية وتطرح الآراء ووجهات النظر المتفقة والمتباينة. والبرنامج الحواري في الإذاعة ليس هو المقابلة أو اللقاء الاإذاعي فحسب. ولذلك فإن كثيرا ما يحدث اللبس عند استخدام كلمة حوار حيث ينصرف الرأي إلى أن المقصود هو لقاء إذاعي، أو مقابلة إذاعية يكون الهدف منها حوار بين شخص يسأل وآخر يجيب عن أسئلته.
ولذلك فإن خبراء الإعلام الإذاعي يتفقون على أن البرامج الحوارية الإذاعية من أصعب أشكال الإنتاج الإذاعي لاعتماده على المذيع مقدم ومدير الحوار والذي لا بد أن تتوافر فيه جملة من الخصائص في مقدمتها الثقافة الواسعة، ومعرفة طبيعة الوسيلة والجمهور، والمعرفة بالأساليب العلمية للحوار الإذاعي
وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة نؤكد على ضرورة العناية بالبرامج الحوارية الإذاعية في بلادنا التي أصبحت تتوفر على عدد مهم من المحطات الإذاعية العمومية والخاصة.
كما ندعو إلى تأهيل الإذاعيين الشباب وصقل مواهبهم لإعداد وتقديم برامج حوارية متميزة شكلا ومضمونا، وضرورة تبادل الخبرات بين الإعلاميين العاملين في الإذاعات العمومية والخاصة. ومن المهم جدا أن تنظم هذه الإذاعات بالتعاون مع معاهد ومدارس تكوين الصحافيين دورا تدريبية وورش عمل حول المتطلبات الفنية والمعرفية لتطوير البرامج الحوارية، وتعزيز البعد الثقافي لمضامين البرامج الحوارية الإذاعية.
باحث في علوم الاتصال والحوار الثقافي / الرباط
تعليقات ( 0 )