تحدى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ضغوطاً لدفعه للاستقالة من وزراء كبار وتمرد متصاعد داخل حزبه، قائلاً إنه سيقاوم أي محاولات للإطاحة به بسبب سلسلة من الفضائح.
مصدر كشف أنه بعد أكثر من 40 استقالة من داخل الحكومة وفي ظل تمرد مفتوح للعديد من نواب حزب المحافظين الحاكم، ذهب بعض الوزراء إلى داوننغ ستريت ليخبروا جونسون بأن عليه الرحيل.
كما شجعه أحدهم على خروج يحفظ له كرامته بأن يحدد بنفسه جدولاً زمنياً بدلاً من مواجهة تصويت على حجب الثقة، وقال العديد من المشرعين إن السؤال الآن هو متى، وليس ما إذا كان عليه التنحي.
المدعية العامة لإنجلترا وويلز، سويلا برافرمان، دعت الأربعاء جونسون إلى الاستقالة وأصبحت الأولى بين وزراء الحكومة التي تقول إنها سترشح نفسها لتحل محله في أي سباق لقيادة حزب المحافظين؛ إذ قالت برافرمان في تصريحات لوسائل إعلام: “أعتقد أن الوقت حان لتنحي رئيس الوزراء”، وأضافت أنها لا تريد الاستقالة من منصبها ولكن “إذا كان هناك تنافس على القيادة فسأضع اسمي في الحلبة”.
بوريس جونسون “مستعد للقتال”
لكن على الرغم من الدعوات المتزايدة لاستقالته، قال جيمس دودريدج، وهو نائب عن حزب المحافظين ومساعد مقرب لجونسون، لشبكة سكاي نيوز إن الزعيم البريطاني “مستعد للقتال” بعد اجتماع مع كبار أعضاء فريقه الوزاري.
وأضاف دودريدج أن جونسون ووزير المالية الجديد ناظم الزهاوي سيضعان خطة مشتركة جديدة للاقتصاد الأسبوع المقبل تشمل تخفيضات ضريبية.
يشار إلى أن جونسون أقال الوزير البارز مايكل جوف، وهو وزير الدولة لشؤون الإسكان والمجتمعات، والذي أفادت وسائل إعلام في وقت سابق بأنه أخبر جونسون بأن عليه التنحي. وانضم سايمون هارت وزير دولة لشؤون ويلز مساء الأربعاء إلى المستقيلين، وقال جونسون في وقت سابق أمام لجنة برلمانية: “لن أستقيل وآخر شيء تحتاجه هذه الدولة بصراحة هو إجراء انتخابات”.
يأتي هذا في وقت انتقد فيه العشرات نزاهة جونسون علناً بعد أن اضطر للاعتذار عن تعيين مشرع في دور يتعلق بانضباط الحزب، ولم يتذكر أنه تم إطلاعه على أن هذا السياسي كان محور شكاوى تتعلق بسوء السلوك الجنسي.
وكانت تلك أحدث أزمة تعصف بحكومته بعد فضائح وعثرات على مدى أشهر؛ إذ نُشر تقرير دامغ عن إقامة حفلات في مكتبه ومقر إقامته في داوننغ ستريت في انتهاك لقوانين الإغلاق الصارمة المتعلقة بكوفيد-19، وفرضت عليه الشرطة غرامة.

فيما قال جونسون إن لديه تفويضاً من انتخابات 2019، التي فاز فيها بأغلبية كبيرة، وإنه لن يكون مسؤولاً عن ترك الوظيفة وسط أزمة غلاء المعيشة وحرب في أوروبا، وجونسون داعم كبير لأوكرانيا منذ الغزو الروسي للبلاد في أواخر فبراير.
ورفض رئيس الوزراء البريطاني الإفصاح عما إذا كان سيحاول البقاء في المنصب حتى لو خسر تصويتاً على الثقة من المشرعين في حزبه، كما قد يجري التصويت الأسبوع المقبل إذا اتفقوا على تغيير قواعد الحزب، التي تسمح فقط بتحرك واحد كهذا في العام.
وفاز جونسون بصعوبة في تصويت مماثل الشهر الماضي.
“زلزال” في حكومة بوريس جونسون
فيما قال نائب بارز من حزب المحافظين طلب عدم الكشف عن هويته: “رئيس الوزراء واهم إذا شعر أن بوسعه الصمود في وجه انهيار الدعم البرلماني”، وأضاف: “إنه يحرج حزب المحافظين ويبدي ازدراء للناخبين”.
لكن وزيرة الثقافة نادين دوريس قالت إنها تدعم جونسون، وعندما سئلت عما إذا كان هناك آخرون لا يزالون يدعمونه، أجابت: “نعم بالتأكيد”، وفتحت استقالة وزيري المالية والصحة الباب أمام استقالة مزيد من وزراء الدولة، كما شكك العديد من النواب المحافظين في أهلية جونسون للحكم.
وفي جلسة بالبرلمان للرد على الأسئلة، كافح بعض أعضاء حزبه لكتم ضحكاتهم عندما سخر آخرون منه وتعرض لاحقاً لانتقادات شديدة مما تسمى لجنة الاتصال، حيث استجوبه كبار السياسيين بشأن سلوكه السابق ودوافعه وبعض الفضائح التي شكلت جزءاً كبيراً من فترة ولايته.
“كفى يعني كفى”
وأظهرت استطلاعات الرأي مؤخراً أن بوريس جونسون لم يعد يحظى بشعبية لدى عامة الشعب بسبب نهج إدارته القتالي والفوضوي في الحكم في كثير من الأحيان وسلسلة من الفضائح استنفدت رضا العديد من نوابه.
وبالإضافة إلى الفضائح، كانت هناك أيضاً تحولات في السياسة، ودفاع عن مشرع انتهك قواعد جماعات الضغط، وانتقادات بأنه لم يبذل جهداً كافياً لمعالجة التضخم؛ حيث يكافح العديد من البريطانيين للتعامل مع ارتفاع أسعار الوقود والغذاء.
ورغم أن أنصاراً سابقين لجونسون يقولون إن الأزمة الحالية يمكن فقط أن تنتهي باستقالته، قال متحدث باسمه إنه واثق من أنه سيفوز بتصويت آخر على الثقة من حزبه.
وقد يتغير كل شيء عندما تجري لجنة 1922، التي تضع القواعد التي تنظم تصويت حجب الثقة عن قيادة الحزب، انتخابات لمجلسها التنفيذي قبل تغيير القواعد للسماح بتصويت ثان بشأن زعامته.
وفي وقت سابق، حاول جونسون إعادة تثبيت أركان سلطته من خلال تعيين الزهاوي، النجم الصاعد في حزب المحافظين الذي يُنسب إليه الفضل على نطاق واسع في نجاح عملية توزيع لقاحات كوفيد-19، وزيراً للمالية.
وفي البرلمان حاول وزراء في حكومته كتم ضحكاتهم حين سخر منها زعيم حزب العمال المعارض؛ إذ قال وزير الصحة ساجد جاويد في خطاب الاستقالة الذي استمع إليه جونسون بوجه خال من أي تعبير: “في مرحلة ما علينا أن نقول كفى يعني كفى. أعتقد أن هذه المرحلة قد حان أوانها الآن”.
ويشار إلى أن جونسون وصل إلى السلطة قبل نحو ثلاث سنوات، ووعد بتحقيق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإنقاذها من المشاحنات المريرة التي أعقبت الاستفتاء على خروجها من التكتل عام 2016.
ومنذ ذلك الحين، دعم بعض المحافظين بحماس الصحفي السابق ورئيس بلدية لندن بينما أيده آخرون، رغم وجود تحفظات، لأنه كان قادراً على استمالة قطاعات من الناخبين الذين كانوا يرفضون حزبهم عادة.
تعليقات ( 0 )