“بويا عمر” لجميع المغاربة

 

إغلاق “بويا عم”كان انجازا مهما…لكننا اكتشفنا أنه انتهى بخلق فروع له في آلاف المنازل المغربية.

حدث هذا لأن جميع المراكز الاستشفائية أصبحت ترفع شعار “مكاينش بلاصة” ، متذرعة بالضغط الذي حصل بعد إفراغ  “بويا عمر”، و ترحيل من فيه صوب مستشفيات متهالكة.

مستشفيات كانت تعاني أصلا من خصاص فادح ونقص في عدد الأسرة والأطر.

واقع زاد استفحالا بسبب سياسات عمومية  تعتبر أن الاهتمام بالصحة النفسية للشعب، ترف، لا نستحقه، وبالتالي أصبحا لزاما على الأسر أن تدفع الثمن، وأن تواجه الحالات الهستيرية الخطيرة لذويها في ضل رفض الأمن التعامل مع الأمر والنتيجة تكون أحيانا جرائم قتل جماعي…أو عمليات ذبح دون سابق معرفة كما حدث لطفلة بالدار البيضاء.

المفارقة أن المغاربة وقبل وباء “كورونا” الذي زاد  من “فقصتنا” الجماعية، كانوا يستهلكون 70 مليار سنتيم كأدوية مضادة للاكتئاب.

هذا المبلغ الضخم لا يشمل ملايين المغاربة ممن يلجأون إلى  أدوية أخرى لها علاقة بلائحة طويلة من  الأعطاب النفسية التي تتجاوز التوتر إلى القلق، و الرهاب، و الفصام.

أمراض  لا يمكن إلا أن تصيب الكثيرين منا، في ضل الضغوط اليومية المتراكمة في هذا الزمن الرديء  لأننا فعلا “نستاهلو حسن” كما وعدنا رئيس الحكومة في حملته الانتخابية.

ضغوط متفاقمة تفسد جودة الحياة في بلد معظم الخدمات فيه بحاجة إلى إعادة تأهيل جذرية، من النقل إلى السكن والإدارة والقضاء والتعليم والصحة، وصولا إلى الإنسان في حد ذاته، والذي أصبح مطلوبا و بإلحاح الاستثمار فيه حتى لا نجد أنفسنا  أمام الحائط قريبا.
من الطبيعي إذن أن يحصد المرض النفسي نصف المغاربة ممن جف حبر التمني لديهم بعد وجدوا أنفسهم على الهامش  تجسيدا لشعار “مغرب الله كريم لا صحة لا تعليم”.

وطبعي أيضا أن ينال المرض النفسي  من شرائح واسعة صارت رهينة للوبيات متغولة تستنزف الجيوب .

شرائح صارت  مدمنة على القروض و السلفات  التي تسد بها ثقوب الميزانية الشهرية، بعد أن زحف الغلاء على كل شيء، وبات اللحاق بالأسعار يتطلب الكثير من “الدوباج” الذي يعني الغرق في جحيم الديون،وعدم الاستقرار، الذي تعكسه نسب الطلاق المرعبة.

الغير طبيعي هو أن يحتفظ الإنسان بعقله سليما أمام كل هذا العبث ..

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي