يمتد الساحل المغربي على طول 3411 كلم، ويتشكل بنسبة 63% من أجراف صخرية، و28% من الشواطئ، و7% من البحيرات، و2% من مصبات الأنهار والوديان. ويحتوي الساحل المغربي أيضا على 38 موقعا ذا أهمية بيولوجية و20 منطقة رطبة ومصبات أنهار. لكن لعنة رمالها التي تُسيل لُعاب لوبيات الرمال، جعلت الساحل المغربي يقع عرضة لنهب تدريجي منتظم، يخلف دمارا واسعا لكامل المنظومة البيئية الب0حرية.
عرف المغرب خلال العقود الأخيرة انطلاق مشاريع عمرانية كبرى وأوراشا للبنى التحتية تؤدي ثمنها بيئته البرية والبحرية غاليا. فقد أنشئت مدن جديدة وطرق سيارة وموانئ وسدود، وغيرها مما يتطلب تشييده كميات هائلة من الرمل. وطبعا فإن المصدر الأساس والسهل الذي يلجأ إليه دائما لتلبية تلك الحاجات، هو شريط الكثبان الساحلية والوديان التي تعاني بشدة من ضغط هائل.
تشير أرقام وزارة التجهيز إلى أن مصادر السوق المغربي إلى الرمل هي كالتالي: بنسبة تتجاوز 55% يتكون من رمل الكثبان الساحلية ويأتي من القطاع “غير المهيكل”، وبنسبة تقارب 16% يأتي من الوديان، وبنسبة تقارب 15% من رمل الكثبان الساحلية ومصدره المقالع المرخصة، وبنسبة 7,25 % من رمل الحجر المطحون، وأخيرا بنسبة 7,25 % يأتي من التجريف. ومعنى ذلك أن الرمل المسروق ما يزال يهيمن على السوق المغربية.
وقد نتج عن ذلك ظهور مافيا حقيقية متشعبة الأذرع، جعلت من الكثبان الرملية العذراء مقالع مستباحة تغرف منها الرمل بلا حساب. أحيانا بالنهار إذا وجدت الحماية، وغالبا بالليل وخلال العطل. وبسبب جرائمها تعرضت الكثير من الشواطئ الجميلة إلى تشوهات غير قابلة للإصلاح، نذكر منها على سبيل الإشارة لا الحصر: شاطئ زناتة بالدار البيضاء، وشواطئ أقاليم الجديدة وسيدي بنور وآسفي والعرائش.
وبالنظر إلى تنامي الحاجة إلى الرمل سواء لبناء مساكن، أو لتشييد مدن جديدة، أو لإقامة بنى تحتية كبرى ضمن برنامج الأوراش الكبرى، فإن المؤشرات لا تبدو في صالح تراجع قريب لواقع الاستنزاف المفرط القائم. حيث تفيد توقعات مهنيي الرمل بأن الطلب على الرمل لم يتوقف عن الارتفاع منذ سبعينيات القرن الماضي، وخلال السنوات الأخيرة بلغت الزيادة في الطلب سنويا نسبة 4 %، بحيث انتقل من 11 مليون متر مكعب في 2009 إلى حوالي 30 مليون متر مكعب (45 مليون طن) في 2018. ولا يبدو أنها ستتوقف في القادم القريب من الأيام، بعدما ناهزت 60 مليون طن حاليا.
تعليقات ( 0 )