قال لـ"ميديا 90": مسلسل "الأيام" كان نقطة تحول لأسلوبي في الغناء

علي الحجار: غنيت ما أنا إلا بشر.. وتعجبني اختيارات سعد المجرد

علي الحجار الفنان المصري المتألق، فنان الزمن الجميل الذي لازال يتحفنا ويرمي حاضرنا بأنوار الإبداع.. كان لنا حديث معه عن تألقه هذا الموسم الرمضاني الذي ودعناه في مسلسل “جزيرة غمام”، فعرجنا معه على بعض الذكريات الرائعة من تاريخه الفني.. فتح قلبه وحكى لنا ذكريات من مسلسل “الأيام” بكل تواضع الكبار وتحدث عن المغرب والأغنية المغربية. اربطوا الأحزمة إذن وسافروا معنا في عالم علي الحجار في ما يلي:

■ عودتك لغناء التتر من خلال مسلسل “جزيرة غمام” بعد غياب 7 سنوات أيقظ في المشاهد العربي الحنين لدراما الزمن الجميل وشكلت واجهة مهمة لنجاح المسلسل …كيف تحققت إذن هذه العودة؟

  • كان السبب في عودتي لغناء تترات المسلسلات هذا العام هو مسلسل “جزيرة غمام” نفسه الذى توفرت فيه كل العوامل التي كانت تدفعني دائما للموافقة على الاشتراك بغناء الأعمال الدرامية، فمؤلف المسلسل هو الكاتب الكبير عبد الرحيم كمال والذى غنيت له من قبل أغاني مسلسلين حققا نجاحا كبيرا هما “شيخ العرب همام بطولة الفنان يحيى الفخراني” “والرحايا بطولة الفنان نور الشريف” ومن إخراج حسنى صالح. ثانيا إن كاتب أغنية التتر هو الشاعر الفنان إبراهيم عبد الفتاح الذى صاحبني طوال عدة سنين بعدد من أغاني المسلسلات وأغاني الألبومات، كما أن ملحن التتر الفنان شادي مؤنس غنيت من ألحانه عددا من الأعمال الناجحة التي حققت ملايين المشاهدات. كما أنني كنت قد شاهدت للمخرج حسين المنياوي مسلسل “الفتوة” وأعجبني أنه يملك أدوات مخرج كبير واع ومثقف وكذلك عندما علمت بأسماء أبطال المسلسل تأكدت من أنها ستكون مباراة في التمثيل وأن المنتصر فيها سيكون جمهور المشاهدين. أيضآ أسعدني علمي بأن غناء التتر سيكون باللهجة الصعيدية وهو ما أعتبره ملعبي بلا غرور، فقد غنيت أكبر عدد من المسلسلات الصعيدية على الإطلاق.. وهذه العوامل هي التي أبحث عنها دائمآ لكى أوافق على الغناء للأعمال الدرامية (اسم وتاريخ كل من مؤلف العمل الدرامي والمخرج والشاعر الغنائي والملحن وأبطال المسلسل) ودائما ما أهتم بالكيف لا بالكم. ورصيدي من الأعمال الدرامية الغنائية يزيد على المائة عمل وهو رقم لم يتجاوزه مطرب آخر في العالم العربي وكل هذه الأعمال الدرامية كتبها ووضع ألحانها فنانون كبار.

■ هل سنراك إذن في المزيد من الأعمال الدرامية؟

  • بالطبع لا مانع إذا وجد عمل غنائي درامي تتحقق فيه هذه المواصفات التي ذكرتها لأن رصيدي من الأعمال الدرامية يفرض علىّ أن أكون أكثر حرصا على التدقيق في الاختيار.

■ برز اسمك في تتر المسلسلات أول مرة في مسلسل “الأيام” لأحمد زكي ..هل يمكنك أن تحكي لنا بعضا من نوستالجيا هذه المحطة الرائعة في مسيرتك الفنية؟

  • من الذكريات التي لا أنساها أثناء رحلتي مع الغناء للأعمال الدرامية عندما تقابلت مع مخرج فيلم “المغنواتى” د. سيد عيسى الذى كان قد حدد اللقاء في مكتب الملحن عبد العظيم عويضة لكى يتفق معي على غناء أغاني الفيلم الذى كان محددا لبطولته الفنان الكبير أحمد زكي والذى كانت تربطني به علاقة وطيدة بحكم مقابلاتنا الدائمة في بيت الشاعر الكبير صلاح جاهين، وكنا في بداية مشوارنا الفني. وفى يوم اللقاء مع الدكتور سيد عيسى وبعد أن استمع منى لبعض الأغاني طلب منى القيام بدور البطولة في الفيلم ليس غناء فقط بل وتمثيلا أيضا وقال أن أحمد زكي كان قد قبل العمل بمسلسل للتلفزيون مما قد يؤخر العمل بفيلم المغنواتي ولهذا طلب منى القيام بالدور بدلا من أحمد زكي. ولكني دهشت لهذا العرض وطلبت منه إعطائي فرصة لكي أقابل أحمد زكي أولا حتى أعرف رأيه في هذا الموضوع. وبحثت عن أحمد زكي عدة أيام حتى التقيته بجانب مقهى في وسط البلد كنا نتردد عليه، ووجدته غاضبا عندما رآني فقد كانت الصحف قد نشرت أخبارا عن لسان المخرج سيد عيسى بأنني سأقوم ببطولة الفيلم وقبل أن ينطق أحمد بأي كلمة أخبرته بأنني أبحث عنه لكي أعرف موقفه من العمل مع د. سيد عيسى وبأنني لم أوافق بعد على التمثيل في الفيلم. وعندها وجدت أحمد قد ذهب عنه الغضب وأخبرني بأنه بالفعل قد اختار أن يوقع عقد العمل بمسلسل للتلفزيون المصري وأنه لن يستطيع التوفيق بين التصوير في الفيلم والمسلسل معا وقال لي (لك مطلق الحرية في الموافقة على العمل في الفيلم). وبالفعل ذهبت بعدها لمقابلة المخرج سيد عيسى وأخبرته بما حدث في لقائي مع أحمد زكي.

ومن العجيب أنه لم يتم عرض هذا الفيلم في دور العرض السينمائي إلا بعد تصويره بسنوات حيث كان الكثير من نجوم الفيلم قد ابتعدوا عن الساحة الفنية أمثال الفنان شكري سرحان وصلاح منصور وسهير المرشدي وليلى حمادة وكان قد سطع نجم كل من الفنانين محمود الجندي والمنتصر بالله وعهدي صادق وغيرهم من الفنانين الذين كانت أدوارهم في الفيلم صغيرة.

بعدها تقابلنا مرة أخرى أنا والفنان أحمد زكي في مسلسل “الأيام” عن قصة حياة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، ولكن هذه المرة كان يقوم أحمد زكي بدور طه حسين تمثيلا وأنا أقوم بدوره غناء، وكان المسلسل يتضمن أكثر من خمسين أغنية تعلق على الأحداث الدرامية بديلا عن النص الحوارى المكتوب، وكانت معظم هذه الأغنيات تعبر عن ضمير طه حسين أو أحمد زكي وكانت تتجلى عبقرية أحمد زكي عندما كان يطلب من المخرج يحيى العلمي قبل تمثيله لأى مشهد من هذه المشاهد الغنائية بأن يتم أولا تسجيل الأغنية التي يكتبها الشاعر سيد حجاب ويلحنها الموسيقار عمار الشريعى وأغنيها بصوتي حتى يستمع إليها أثناء أدائه للمشهد لكى يتوحد تمثيله مع الغناء.

لا أنسى أيضا أن غنائي لمسلسل ” الأيام ” كان نقطة تحول فيما يخص أسلوبي في الغناء، فعندما دخلت استوديو التسجيل لأغنى أول أغنية في المسلسل حاولت أن أظهر كل ما تعلمته من والدى إبراهيم الحجار الذى تتلمذ على يده كبار المطربين أمثال عمرو دياب وأنغام ونادية مصطفى ولطيفة التونسية وأحمد الحجار ومدحت صالح وغيرهم وكنت قد تعلمت منه الكثير عن أصول الغناء وكيفية النطق السليم للحروف والمد والقصر والترقيق والتفخيم وتنظيم النفس وأساليب وحيل مختلفة للزخارف الصوتية وتعلمت منه المقامات الموسيقية والأشكال المختلفة في الغناء العربي القديم والحديث من موشحات وأدوار ومونولوجات وطقاطيق (وهي المعادل الموضوعي للأغاني الخفيفة الحديثة).

وعندما وقفت أمام الميكروفون بأستوديو التلفزيون لأغني أول أغنية سوف أقوم بتسجيلها أمام المخرج يحيى العلمي والملحن عمار الشريعي أردت أن أظهر كل ما أمتلكه من إمكانيات وماتعلمته من حيل وزخارف وحليات صوتية ولكنى فوجئت بأن مهندس الصوت قد أوقف التسجيل ووجدت المخرج والملحن يدخلون علىّ أمام الميكروفون ويشرحون لي كيف أن الأغنية التي يكتبها الشاعر ويتم تلحينها وغنائها للعمل الدرامي هي بديل للمشهد التمثيلي الذى كان مفروض أن يكتب كحوار، ولكي تؤدى إلى نفس الغرض الدرامي فهي تحتاج أن يكون المغنى ممثلا أكثر منه مطربا، فالتعبير عن معنى الكلمات الشعرية المكتوبة في حالة الغناء الدرامي أهم من التطريب والحليات والزخارف الصوتية. وكان هذا أهم درس تعلمته وكان بداية جديدة ونقطة تحول ساعدتني فيما بعد على التوفيق والتفوق في مجال الغناء للأعمال الدرامية التلفزيونية التي تتعدى المائة عمل وأيضا الأعمال المسرحية التي وصلت إلى 33 مسرحية غنائية واستعراضية.

■ الموسم الرمضاني الذي ودعناه عرف عودة قوية للدراما المصرية بإعتبارك واحدا من ممثلي الزمن الجميل.. كيف تفسر لنا نجاح الدراما المصرية هذا الموسم في تقديم أطباق فنية مؤثرة بعد أن كانت قد تركت مكانتها للدراما السورية واللبنانية في المواسم الأخيرة؟

  • الأعمال الدرامية في مصر لهذا العام تفوقت ونجحت بنفس القدر الذى كانت عليه الأعمال الدرامية السابقة في السنوات الماضية ولم يحدث أن تفوقت عليها أية أعمال درامية في أي بلد عربي شقيق مع احترامي لكل الفنانين والمبدعين وشركات الإنتاج في كل الدول العربية. فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك الكثير من الأعمال الدرامية التي قام بها نجوم كبار تصدرت طوال السنوات العشر الأخيرة بداية من سنة 2012 بمسلسل فرقة ناجي عطا الله بطولة عادل إمام ثم لحظات حرجة… قضية معالي الوزيرة.. باب الخلق.. حارة خمس نجوم.. شربات لوز… نابليون والمحروسة… الداعية… الخواجة عبد القادر… سلسال الدم.. وفي السنوات التالية أيضا نجد لائحة من المسلسلات الناجحة وصولا إلى مسلسلات 2022

■ كل جيل السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات في المغرب يعشق اغاني علي الحجار خاصة تتر مسلسلاتك الرائعة المال والبنون والشهد والدموع…فهل هناك ذكريات لك في المغرب تحب أن تشاركنا إياها؟

  • زرت المغرب الشقيق عدة مرات وكانت دائمآ هذه الزيارات بهدف إقامة حفلات غنائية سواء كانت في الرباط أو الدار البيضاء، وفى الغالب ما تكون مدتها قصيرة لأنها تكون مرتبطة بالوصول قبل موعد الحفل بيوم أو يومين فقط، ولم يسعدني الحظ بزيارة أماكن كثيرة في المغرب ولكن في إحدى المرات استمتعت بزيارة مراكش وذهبت إلى ساحة جامع الفنا، وأتمنى أن تتاح لي الفرصة لزيارة أماكن أخرى قريبا بإذن الله .

■ كفنان ملتزم هل تشغلك القضايا السياسية الراهنة؟

– ● بالطبع تشغلني القضايا السياسية والمتغيرات التي تحدث في العالم وبالأخص في منطقتنا العربية وببلدي مصر ولا أتأخر عن المشاركة بالغناء سواء في المناسبات الوطنية أو في مراحل التقلبات السياسية التي كانت تمر بها مصر وفلسطين والعراق والسودان واليمن وسوريا ولبنان والجزائر وغنيت لهذه الدول لأنه يجب على الفنان ألّا ينفصل عن هموم وطنه.

■ لو عادت عقارب الساعة للوراء.. ما الذي ستريد تغييره في حياتك.. أو الموقف الذي تتمنى حذفه من شريط حياتك؟

  • إيماني بالله وبقدره يجعلني راض كل الرضا بما كتبه الله لي في الحياة ولو عادت بي عقارب الساعة إلى الوراء لتمنيت أن أكون ما أنا عليه الآن، وأحمد الله أن حقق لي كل ماكنت أتمناه، فعندما كنت صغيرا تمنيت أن يكون لي سبع أولاد عندما أكبر، وقد حقق الله أمنيتي فعندي أربعة فتيان وثلاث فتيات كلهم يمتلكون الحس الفني المرهف وقد تعلموا العلم والأخلاق معا، وتمنيت أيضا أن أكون مطربا مثل أبى إبراهيم الحجار الذى رباني على أن أكون نفسى ولا أقلد أيا من المطربين مهما كانت عظمته أو شهرته لكى تكون لي شخصيتي الخاصة بي، والحمد لله أن جمهوري هو جمهور السميعة أصحاب الذوق الرفيع. وقد حقق الله لي كل ما تمنيته فقد أعطاني موهبة خاصة وزوجة تدفعني إلى الأمام وذرية صالحة تحمل اسمي بعد رحيلي.

■ هل هناك حلم راودك ولم تستطع تحقيقه فنيا او إنسانيا؟

  • أحلامي دائما ما تكون لها علاقة بمحاولة البحث عن شكل غنائي جديد للأغنية سواء في الكلمة أوفى اللحن أو فيما يخص التنفيذ الموسيقى، وأيضا أحلم لأولادي وبناتي بأن ينجحوا في تحقيق أمنياتهم وطموحاتهم في الحياة دون أن أفرض عليهم آرائي فأنا مؤمن بحكمتين في تربية أبنائي أولهم حديث نسب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يقول فيه ” لاعب ابنك في سبع، وأدبه في سبع، وصاحبه في سبع، ثم اترك له الحبل على الغارب ” والحكمة الثانية كتبها جبران خليل جبران في كتاب “النبي” يقول فيها ” أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة، والحياة لا تقيم في منازل الأمس” .

■ رأيك في الأغنية المغربية والأصوات المغربية الموجودة في الساحة الفنية.. لمن تطرب أذنك الموسيقية؟

  • أميل دائما إلى الأغاني الطربية وبالطبع أحببت غناء الفنان الكبير عبد الهادي بالخياط وأسعدني الحظ بمكالمته وأنا في المغرب واستأذنته في أن أغنى أغنيته “ما انا إلا بشر” وكان سعيدا بطلبي هذا وبالفعل غنيت الأغنية في حفل بمهرجان الرباط، ولأن بداياتي الفنية كانت في نفس الوقت الذى ظهرت فيه الفنانة سميرة سعيد بمصر والتقينا عند الملحن الكبير بليغ حمدي وأرسلنا الأستاذ بليغ إلى اليونان لتسجيل برنامج فنى وتعرفت بالسيدة الفاضلة والدتها هناك، وأنا أعتبر نفسى من المعجبين باختيارات سميرة سعيد دائما في مراحل عمرها، أيضا تعجبني التجربة الغنائية المميزة الخاصة بالشاب الفنان سعد المجرد لأنه يبحث عن طرق مختلفة تخصه ولا يقلد فيها أحد، كما أطرب للاستماع إلى صوت المطرب عبد الفتاح الجريني فهو يجمع في صوته وطريقة أدائه بين الأصالة والمعاصرة معا

■ يقال أن الجيل الحالي في مصر والعالم العربي أفضل حظا من جيلك.. ما رأيك؟.

  • أرى أن جيلي من المطربين كان ولا يزال له الحظ الأوفر والأفضل لأن اختياراتنا لأعمالنا الفنية وأغانينا التي غنيناها سواءّ كانت أغنيات منفردة أو ضمن ألبومات غنائية أو مقدمات للمسلسلات الدرامية أصبحت معظمها باقية إلى الآن وقد دخلت تاريخ الغناء بجانب أغنيات الكبار أمثال أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وغيرهم من هؤلاء العمالقة، أما الجيل الحالي فمعظم أعماله الفنية عبارة عن سلع استهلاكية تستخدم كالمناديل الورقية ونادرا ما تجد منها ما يصلح ليبقى في التاريخ الغنائي أو أن يصبح تراثا غنائيا تتوارثه الأجيال (وبالطبع أستثنى منها بعض الأعمال).
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي