أثرياء الحرب”..مغاربة اغتنوا من لهيب الأسعار

أمام ذهول أعضاء لجنة البنيات الأساسية والطاقة بمجلس النواب، خرجت ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي لتدافع بشكل ضمني عن شركات المحروقات، عندما صرحت بأن الهوامش أصبحت “سلبية”، ما يعني أن الشركات تبيع الوقود بالخسارة للمغاربة .
لم تكشف الوزيرة عن تفاصيل أكثر، لكن توقعات الوزارة بشأن تطور الأسعار، مقارنة مع أثمان البترول في الأسواق الدولية، تكشف أن مسألة الخسارة غير مطروحة. فإذا كانت توقعات الوزارة الوصية تقول مثلا بأن سعر الغازوال يصل إلى 13.59 درهم للتر، إذا بلغ سعر برميل البترول 120 دولار، فإن الواقع اليوم يؤكد أن سعر هذه المادة يقترب من 15 درهما للتر في وقت لم يتجاوز البرميل 104 دولارات، بل وانخفض خلال الأيام الماضية إلى أقل من 100 دولار.
هذا يعني أن الشركات تجني أرباحا كبيرة. فرأس المال بطبيعته جبان، ولا يمكن لشركة همها الوحيد هو الربح أن تستمر في استيراد الوقود وبيعه للمغاربة وهي تتكبد الخسائر. ولا أدل على ذلك هو موقف الشركات من مسألة المخزون الاستراتيجي، والذي تعتبره مسؤولية للدولة.
ما يجري اليوم هو أننا نجني ثمار قرارات وفراغ قانوني قاتل جعل الشركات والمحتكرين والمضاربين، في مجالات مختلفة، يحكمون قبضتهم على الأسواق. فالارتفاع الكبير الذي عرفته أسعار بعض الخضر، لاسيما الطماطم والفلفل، لم يكن سببه قلة هذه المنتجات في الأسواق، بل كان نتيجة ممارسات مشبوهة تلهب سلسلة التسويق.
وفي المقابل، تلجأ الحكومة إلى سياسة النعامة أو الهروب إلى الأمام، ولنا في تصريحات وزير الفلاحة محمد صديقي خير مثال. ففي الوقت الذي انتفضت المعارضة وحملت صرخة المواطنين من لهيب أسعار الطماطم والفلفل، في فترة تعرف ارتفاع الاستهلاك، رد الوزير ببرودة قاتلة وهو يقول: “الفلفة ومطيشة موجودين في السوق”.
لقد أثبتت الأزمة الأوكرانية، وتداعياتها المباشرة على الأسعار، أن لكل حرب أثرياؤها..وما على الحكومة إلى أن تتدخل بالصرامة اللازمة، وفق ما يقتضيه القانون، من أجل ضبط قواعد السوق وعدم الاختباء وراء مجلس المنافسة..فمن يمنح الرخص والامتيازات والاستثناءات للشركات من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني، من واجبه أيضا أن يضع شروط قواعد اللعب النظيف حتى لا تختل الموازين الاقتصادية..والاجتماعية أيضا.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي