مئات الحالمين بالهجرة إلى أوربا شدوا الرحال إلى الفنيدق، والهدف رحيل جماعي، وتطلع إلى مستقبل أفضل، لكن هؤلاء الحالمين، هم في الوقت نفسه شباب يائس، لم يعد يرى من بديل إلا الوصول إلى أوربا، وبعدها لكل حادث حديث..
صحيح أن المغرب هو أقرب بلد إلى أوربا، وصحيح أن بين هؤلاء الراغبين في الهجرة، قاصرون، ومهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء، إلا أن العدد الأكبر هم لأبناء هذا الوطن، وصحيح أيضا أن هناك أيادي من الداخل ومن الخارج سعت للنفخ في الجمر، وحولت الأمر برمته إلى عملية منسقة، لكن هذا الذي جرى وبعيدا عن لغة التآمر، يسائل السياسات العمومية ويسائل الحكومات المتعاقبة، فأن يفضل شباب في مقتبل العمر أن يقامر بحياته وسط البحر بحثا عن حياة أفضل في أوطان الناس، هو عنوان إفلاس، وعنوان لحالة إنكار للواقع يعيشها العديد من المسؤولين الذين يتنطعون ويتقنون “تخراج العينين”، وليست لهم “كبدة” على الوطن وعلى مستقبل أبنائه، بقدر ما لهم على مصالحهم الخاصة..
إن هذه الصور مخجلة جدا، ففي الوقت الذي يستعد فيه البلد لتنظيم كأس العالم 2030، حيث تم إطلاق العديد من المشاريع التنموية،إلا أن الصور القادمة من الفنيدق، من المفروض أن تعيد الجميع إلى أرض الواقع، وأن تكون مدعاة لتفكير جماعي عنوانه إلى أين نسير، وما هي الوجهة؟ وهل من المقبول أن يصل اليأس بالشباب إلى هذا الدرك السحيق!؟
إن المشاريع هدفها خدمة المواطن، وجعل حياته أيسر، وأسهل، ومن الواضح اليوم أن الفوارق كبيرة جدا، فقلة تواصل الاغتناء، وتراكم الثروات، بينما الأغلبية الساحقة تعيش الهوان، وهنا مربط الفرس..
والمؤلم أكثر في هذا الذي جرى هو الصمت الحكومي، ففي الوقت الذي كان مئات الشباب يستعدون للمقامرة بحياتهم في عرض البحر، كان رئيس الحكومة يرقص على إيقاع نمط غنائي أصبح جزء كبير منه مرادف للانحلال وتعاطي الممنوعات دون أدنى مسؤولية تجاه المجتمع…
وبدل أن يخرج المسؤولون للتفاعل مع ما جرى، فإنهم لاذوا بصمت قاتل، كما لو أن المسؤولية الحكومية هي ل”التفطاح” و”التبندير”، والركوب على الإنجازات، بدل مواجهة اللحظات الصعبة وانشغالات المغاربة بما يفرضه واجب الإئتمان على مصالح الناس ومصالح المواطنين المغاربة.
إن الشباب لا يهربون من الفقر، ولكنهم يهربون بحثا عن فسحة أمل، يهربون من التفقير الممنهج الذي ينهجهه بعض المسؤولين سامحهم الله، ويهربون من غياب العدالة..
كل كلامك جميل بإستثناء الكلمة الأخيرة اريد ان اصححها ….. ( الله لا يسمحهم) و شكرا