جحيم حقيقي يعيشه مئات الآلاف من المواطنين يوميا خاصة بالمدن الكبرى مثل الدار البيضاء، والرباط، وسلا، بسبب الاختناقات المرورية التي تحولت إلى لعنة وعذاب يومي لأصحاب السيارات ومستعملي وسائل النقل العمومي.
الغريب أن وقت الذروة الصباحية يعرف غيابا شبه تام لشرطة المرور التي يبدو أن مهمتها أصبحت تنحصر فقط في تصيد المخالفات، والتربص أمام بعض الإشارات الصدئة داخل الأزقة، من اجل تقديم مردودية مالية مرتفعة، ونيل ثناء الرؤساء، أما مهمة تنظيم السير،وفك “الروينة” التي تحرق أعصاب آلاف المواطنين، وتؤخرهم عن أعمالهم ومصالحهم فلا طائل منها.
المسؤولية هنا لا تقع فقط على شرطة المرور، بل تمتد أيضا إلى الولاة والمجالس المنتخبة التي نملك منها الكثير دون فائدة، والتي أصبحت تحصر مشاريع تأهيل المدن، في تغيير أعمدة الإنارة، وصب أطنان من الزفت على الطرق، عوض حل الإشكالات الحقيقية لمدن تدفقت في كل اتجاه، وباتت تختنق بساكنة تتزاحم على طرق لم تعرف أي توسعة توازي حجم الطلب المتزايد.
مشاريع التأهيل التي تلتهم الآن مئات الملايير لا تتضمن أي أنفاق، أو ممرات تحت أرضية، لأن مثل هذه المشاريع ليس فيها مرق كثير، لذا تغرق معظم المدن الكبرى في عشرات الصفقات التي تهم بالأساس الطرق والإنارة وبعض الترقيعات التي تسمح بتوزيع “الكتف” بما يرضي التوازنات و التوافقات التي تتحكم في تسيير المجالس.
الفوضى والاختناقات المرورية تتغذى أيضا من الأعطاب التي جاءت بها فلسفة المدرات التي نبتت في الكثير من النقط، والتي اتضح أن الرهان عليها من اجل ضمان انسيابية حركة السير كان في غير محله، تماما كالفشل الذي راكمته المجالس الترابية على مستوى التشوير، ودعم البنية الطرقية داخل المدن، وهو الفشل الذي يحتفى به كل يوم من خلال منبهات السيارات، والمشاجرات والحوادث، والطوابير الطويلة.
تعليقات ( 0 )