“عفا الله عما سلف”

جميعنا نتذكر شعار”عفا الله عما سلف” الذي خرج به عبد الإله بنكيران، كرئيس للحكومة، ليمنح به عفوا لكبار مهربي أموال المغاربة  ممن نجحوا في تبيض ثرواتهم بشكل رسمي مقابل مبلغ زهيد.

الشعار ذاته حصل بموجبه العديد من مهربي الأموال على عفو جديد من حكومة العثماني، ومن بعدها حكومة اخنوش، ليودعوا في أمان واطمئنان “ملاييرهم” التائبة في البنوك المغربية التي تبقى أكبر رابح من بدعة “عفا الله عما سلف”.

بدعة لم تحصل منها الدولة إلا على فتات قليل مع تهم ثقيلة ب”شرعنة” الفساد، وخلق أجيال جديدة منه.

الدليل على ذلك هي المعطيات الصادمة التي وردت في التقرير الصادر عن المجلس العام للموثقين الإسبان، والذي كشف ان نزيف تهريب الأموال تفاقم بشكل جعل المغاربة في مقدمة الجنسيات الأجنبية التي قامت باقتناء الشقق والعقارات بإسبانيا خلال السنوات الماضية ، بعد احتلالهم الرتبة الثانية بعد البريطانيين.

التقرير ذاته كشف اقتناء 7526 مسكنا من طرف  المغاربة، خاصة بجهة الأندلس، وهو رقم مهول في اسبانيا وحدها دون احتساب عدد العقارات التي تم اقتنائها في باقي البلدان الأوربية، وغيرها من دول العالم.

أرقام  تؤكد أن الحكومة ومن خلال “عفا الله عما سلف” أتاحت فرصا جديدة للفاسدين  لتهريب رؤوس الأموال من البلاد، وتجاهلت التحذيرات الحقوقية التي نبهت لكون قرار العفو هو رسالة “طمأنة لناهبي المال العام بكون الحكومة ستشرعن في يوم ما أموالهم المتأتية من جرائم الفساد، والرشوة، والتهرب الضريبي، وأنهم سيفلتون من العقاب بعد تبيض أموالهم بشكل قانوني.

ليس غريبا أن الحكومات التي أشهرت الراية البيضاء في وجه الفساد قد قبلت بهذه التهم مقابل الفتات بعد أن تراجع حجم الاموال المتحصلة من العفو  من 27.8مليار درهم سنة 2014 إلى 3 ملايير درهم فقط سنة 2020.

الواقع أن ما حصلنا عليه هو أن حجم الأموال المهربة وعدد المهربين قد تضاعف في انتظار إطلاق النسخة الرابعة من “عفا الله عما سلف”.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي