إعفاء ناعم لـ”غول” التعليم بالمغرب

 ملايين التلاميذ المغاربة الذين صاروا شبابا اليوم،بعد أن تزاحموا في فصول دراسية تشبه المعتقلات .

 أو عصف بهم الهدر المدرسي، أو صاروا ضحايا لتعليم خاص يبيع وهم الجودة،أو هربوا بحرا وجوا من البلاد،لا يعلمون أن الرجل الذي أشرف على جميع الوصفات الفاشلة، والمشاريع الفاسدة التي جربت فيهم، قد غادر باب الوزارة يوم أمس من الباب الخلفي، ليسلم له منصب جديد.

 هكذا بكل بساطة، ودون محاسبة عن الكوارث الفادحة التي تسبب فيها، والألغام الكثيرة التي زرعها في جسد التعليم العمومي، ما دمنا نتحدث عن عراب البرنامج الاستعجالي الذي كلف المغاربة 3400 مليار سنتيم .

 المبلغ قيل على عهد الوزير اخشيشن والوزيرة العابدة أنه سيعيد للمدرسة العمومية شبابها، لكنه انتهى في أرصدة عدد من مسؤولي الوزارة، وبعض أصحاب الشركات والمقاولات الذين بقوا خارج المحاسبة.

 ذات الأمر يسري على المسؤولين الذين استقدمتهم العابدة واخشيشن من وزارات أخرى، والذين خربوا المنظومة ورحلوا بأرصدة دسمة دون أن يتخلوا عن الفيلات الوظيفية.
الأمر لا يتعلق بالبرنامج الاستعجالي فقط، مادامت اللائحة تضم أيضا ملايير التكوينات، وملايير التعليم الرقمي، وملايير الامتحانات وملايير البيداغوجيا، والتعليم الاولي، وغيرها من الطناجر التي كانت تسيل بمرق المال العام.

 اليوم واضح أننا خسرنا مئات الملايير تحت إشراف هذا الرجل الذي عاصر وزراء كانوا يتساقطون واحدا تلو الآخر، قبل نهاية ولايتهم، فيما بقي هو صامدا لسبب لا يعلمه إلا من لإزالوا يتعاملون مع وزارة التعليم كحديقة خلفية لوزارة الداخلية.

  لذلك ارتبطت المنظومة خلال العقد الأخير باسم الكاتب العام وطبيعي أن ترتبط الحصيلة الصفرية بشخصه تحديدا.

 الكاتب العام يوسف بلقاسمي الذي كان بمثابة وزير حقيقي أشرف على  مشاريع بآلاف الملايير، وهي المشاريع التي جعلت حوالي 400 مسؤول في التعليم ضيوفا على غرف التحقيق في جرائم الأموال طبعا مع استثناء صقور الوزارة.

هذا الرجل الذي قضى 17 سنة في منصبه خرج من الوزارة بريشة على رأسه ليسلم له منصب متواضع كان عبارة عن إعفاء مقنع،بعيدا عن المرق الكثير الذي كان يسيل من صفقات الوزارة.    

الكاتب العام الذي عاصر 10 وزراء وكتاب دولة، والذي تحولت الوزارة في عهده إلى رحم يلد فضيحة تلو أخرى، بقي صامدا في منصبه بعد أن أفلت من زلزال الحسيمة، ومن تحقيقات البرنامج الاستعجالي، ومن قبضة الوفا رحمه الله بعد فضيحة بيداغوجيا الإدماج، ومن وعد بلمختار الذي قال لي يوما أنه اكتشف أشياء “خايبة” في صفقات الوزارة من المتابعة.

 كما أفلت من الإعفاء بسبب تعثر مشاريع ملكية من بينها  مشروع التعليم الأولي، خاصة بعد المواجهة العلنية التي نشبت بينه وبين المفتش العام للوزارة خلال اجتماع رسمي.

جاء ذلك بعد أن حاول منعه من كشف المستور، وسرد خلاصات تقارير التفتيش، التي أنجزت بعد زيارة المفتشين لكل الأكاديميات، والمديريات الإقليمية، بعد رصد تخبط،و تقصير فادح، و اختلالات، وتفاوتات جد خطيرة في تنزيل المشاريع الملكية المرتبطة بالتعليم الأولي، والتوجيه، والدعم الاجتماعي، و مدارس الفرصة الثانية، وهي الخلاصات الذي اعتبر الكاتب العام نفسه معنيا به بحكم حالة الشغور التي تم تكريسها في 10 مديريات ضلت بدون مدير مركزي لسنوات، من اجل احتكار جميع القرارات و السلط من طرفه.

الكاتب العام الذي كان يعد المتحكم الفعلي في الوزارة كان يتحرك لضمان منصب بالإدارة الترابية،كعامل، والقفز من سفينة الوزارة، للحصول على منصب كاتب دولة بعد أن نجح في تبليص عدد من مسؤولي الوزارة بالتعليم العالي.

  لكن اليوم اتضح أن وزارة باب الرواح لا تتسع لبنموسى وبلقاسمي معا.

 اليوم إذا أراد بنموسى أن يكمل هذا الأجر عليه أن يسحب من الرجل ملايير الرياضة المدرسية.

 رياضة تبيض  الملايير سنويا.

ملايير يتم تحصليها سنويا من جيوب المغاربة عبر ملايين التلاميذ في كل دخول مدرسي دون أن تصنع لنا هذه الرياضة ولو ربع بطل.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 3 )
  1. مراكشي :

    ننتظر المهدي المنتظر لعله يستطيع محاسبة هؤلاء المجرمين…

    7
  2. رشيد :

    كدت ان اصدق كل ما جاء في هذا اامقال، الى ان وصلت فقرة الختام التي تحدثت عن الرياضة المدرسية وضربت عرض الحائط بكل الفرص التي اتاحتها على مر العقد الاخير لبنات وابناء التعليم العمومي وطنيا ودوليا، وكنت واحدا ممن عايش ذلك. وكنت شاهد على حسن تدبيرها لما فيه مصلحة المدرسة العمومية والوطن. ولك ان تغوص في عمق تدبيرها لتثبيت الامر. اما الاخطاء فكلنا نخطىء حينما نعمل ونجتهد.

    -7
  3. متقاعد :

    الخطأ السي رشيد لا يدوم 17 سنة، ولا يفسد الملايير، ولا يقبر ملفات، ولا يجني على أجيال، ولا يشجع جشع الخواص، ولا يهز منظومة، ولا يفقر قطاع، ولا يحرم أساتذة كن مكتسبات، ولا يسن التعاقد، ولا يظلم موظفين….. الخطأ أصبح مقصود وممنهج ومحمي وتعفن حتى صار فضائح ونثن وزكمت روائحه الأنوف

    0

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي