أكد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن منازعات الدولة أصبحت انعكاسًا مباشرا لاختلالات جوهرية في حكامة الإدارة العمومية، مشددا على أن ضعف الشفافية، واستسهال السلطة التقديرية خارج الضوابط القانونية، يُهددان بشكل مباشر الشرعية القانونية ويقوّضان الثقة بين المواطن والإدارة.
وفي كلمة له خلال المناظرة الوطنية حول “تدبير منازعات الدولة والوقاية منها”، المنعقدة بالرباط يوم 15 أبريل 2025، اعتبر بنعليلو أن هذه المنازعات لا يجب أن تُختزل في بعدها القانوني فقط، بل يجب فهمها كأزمة حكامة تتطلب إصلاحات ثقافية وتنظيمية شاملة.
وأشار إلى أن عددا من الإدارات تميل إلى منطق “الدفاع عن القرار” بدل مراجعة الذات وتصحيح الأخطاء، مما يؤدي إلى تراكم النزاعات الإدارية، واستنزاف الثقة والموارد، والتأثير السلبي على الاستثمار وجودة الخدمات العمومية.
وانتقد رئيس الهيئة ما أسماه “المنطق السلطوي في اتخاذ القرار الإداري”، حيث تُتخذ القرارات أحيانا تحت غطاء المصلحة الإدارية دون الالتزام بمبدأ المشروعية، مضيفا أن عبارة “معك الحق ولكن…” أصبحت شعارا غير معلن لتبرير رفض طلبات المواطنين رغم مشروعيتها.
ودعا بنعليلو إلى اعتماد نهج استباقي يقوم على الشفافية، والتعليل المسبق للقرارات، وتفعيل آليات الوساطة المؤسساتية، وربط المسؤولية بالمحاسبة خاصة في حالات التعسف الإداري التي تؤدي إلى خسائر قضائية ومادية جسيمة للدولة.
واعتبر أن تدبير منازعات الدولة بمنطق “رد الفعل” يعكس ضعفًا في التخطيط الإداري ويُعزز ما سماه بـ”سيكولوجيا المنازعة”، داعيا إلى إرساء استراتيجية وطنية واضحة تُعلي من شأن الوقاية والتسوية البديلة، وتقترح إحداث مرصد وطني خاص بمنازعات الدولة.
وأكد بنعليلو على أن الإدارة القوية هي التي تمنع النزاع قبل وقوعه، وتحترم القانون لا تقديرات الأشخاص، وتخدم المواطن لا تُدخله في صراع معها.
تعليقات ( 0 )