في خطابه بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش أكد جلالة الملك محمد السادس حفظه الله على ضرورة العناية بالعالم القروي والاستفادة من مختلف المناطق من الإقلاع التنموي . وقال في هذا الخطاب “ما تزال هناك بعض المناطق، لا سيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية. وهو ما لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم، ولا مع جهودنا في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية، وتحقيق العدالة المجالية”، وأضاف جلالته : “حان الوقت لإحداث نقلة حقيقية في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتدارك الفوارق الاجتماعية والمجالية”.
وقفت على أهمية هذه الترافع الملكي عن الوسط القروي حين قمت خلال الأسبوع الأول من شهرغشت بزيارة لجماعة أيت ميلك ، الواقعة بإقليم اشتوكة أيت باها. هناك تحديات كثيرة ومتنوعة تسعى هذه الجماعة الصغير الموجودة بين السفح والجبل إلى التغلب عليها بإمكانيات محدودة جدا . لكن تسعى جاهدة إلى تحقيق بعض أولويات التنمية المستدامة من خلال برمجة وتنفيذ عدد من المشاريع الهادفة إلى تعزيز البنية التحتية وتوفير مقومات العيش الكريم لسكان الجماعة . لقد أكد لنا رئيس الجماعة ، السيد محمد أسلاوي ، التزام الجماعة بتحقيق تطلعات الساكنة بدعم من السلطات المحلية والأقليمية ، عبر إطلاق سلسلة من المبادرات التنموية التي ترسم معالم مستقبل مشرق للمنطقة ، ومن أهمها مشروع التحفيظ العقاري لأكثر من 30 ألف بقعة ، ومشروع تهيئة وتجهيز مستوصف ، ومشروع تحسين شبكة الطرق بين الجماعة والمناطق المجاورة.
إن الجماعة والمنطقة التابعة لها ليست اليوم في حاجة إلى الصراع الحزبي حول قيادة الجماعة ، بل تحتاج أكثر إلى التنافس في خدمة ساكنتها والانخراط الصادق من أجل تحقيق الإقلاع التنموي لها تجاوبا مع روح الخطاب الملكي السامي . لقد أصبح النجاح في ربح رهان التنمية يرتبط بشكل كبير بدور الجماعات الترابية، باعتبارها الأقرب إلى واقع تراب الجماعة. لكن المراقبين للشأن المحلي يتفقون على أن كثيرا من المجالس المنتخبة للجماعات الترابية في بلادنا لم تستطع التغلب على المشاكل والتحديات المرتبطة بالبنيات التحية والاستجابة لمتطلبات الساكنة في مجالات التمدرس والصحة والتنقل والماء الصالح للشرب بسبب ضعف إمكانياتها المادية والبشرية. ولذلك أصبح من المؤكد ارتباط تحقيق التنمية المحلية بالتغلب على معيقات التدبير الجماعي، والتي من خلالها يمكن إعادة الثقة للساكنة المحلية في السياسات العمومية، وذلك بالعمل على تطوير أداء المنتخبين المحليين .
لقد وجّه جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير، تعليمات للحكومة بشأن أولوية فتح النقاش حول الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها خلال السنة المقبلة، في موعدها الدستوري المحدد، وعلى أساس مراجعة مختلفة النصوص المنظمة لها قبل متم السنة الجارية. ولعلها مناسبة سانحة لكي يتجند الفاعلون والمنتخبون والمواطنون في جماعة آيت ميلك للتعاون البناء ، والتخلص من آفة المصالح الضيقة ، لتحقيق إقلاع تنموي يعفي هذه الجماعة القروية الفقيرة من الاعتماد على التحويلات المركزية.
المحجوب بنسعيد
الشبكة الدولية للصحافيين العرب والأفارقة





تعليقات
0