شنّ الدكتور أحمد الريسوني، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والرئيس الأسبق لحركة التوحيد والإصلاح، هجومًا جديدًا على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، واصفًا أداءها بـ”التخلف السحيق”، معتبرا أنه نمط خاص من التخلف الذي يُتعامل معه وكأنه مقدّس، لا يجوز نقده أو الاقتراب منه.
وفي توضيحه لمعنى “التخلف السحيق”، فرّق الريسوني بين هذا المفهوم ونظيره “التخلف العادي”، قائلاً إن الأخير يعترف به أصحابه ويسعون إلى تجاوزه، كما هو الحال في وصف “الدول النامية” أو مصطلح “الانتقال الديمقراطي” المعتمد في السياق المغربي، الذي يدلّ على السعي لبناء دولة الحق والقانون كما ينصّ الدستور.
وعلى النقيض من هذا المسار، يرى الريسوني أن وزارة الأوقاف تكرّس ما وصفه بـ”التخلف العميق”، مبرزًا أن بعض الممارسات داخلها تعكس ذهنية تجاوزها الزمن، ومثال ذلك، وفق تعبيره، الطريقة التي تم بها عزل رئيس المجلس العلمي المحلي بفجيج، والتي قال إنها تمت بمنتهى الاستبداد والانفراد في اتخاذ القرار.
وأوضح الريسوني أن قرار الإعفاء الصادر عن وزير الأوقاف تضمّن مادة واحدة فقط، موقّعة باسمه، دون أي إشارة لأسباب العزل أو تبرير قانوني له، معتبرًا أن مثل هذا الأسلوب لم يعد معتمدًا حتى في القطاعات الإدارية الأخرى، لا العمومية ولا الخاصة.
وزاد الريسوني في انتقاده بالإشارة إلى وجود تناقض واضح بين صيغة القرار الرسمي، التي تؤكد أن الوزير هو الجهة الوحيدة الموقعة عليه، وتصريح مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي، الذي صرّح بأن القرار اتُّخذ من قبل المجلس العلمي الأعلى. وقال الريسوني إن هذا التباين في المعطيات “يطرح أكثر من سؤال ويحتاج إلى بيان يوضح البيان”.
وتوقف الريسوني كذلك عند غياب أي تعليل للقرار، ولو بإشارة إلى المخالفات أو المؤاخذات التي تستدعي العزل، مشددًا على أن هذا الأمر لا يدخل فقط في إطار التخلف، بل يتجاوزه إلى “تخلف سحيق” مغلف بهالة من القداسة الإدارية الزائفة.
وفي معرض تعليقه على ما راج حول “الغياب” كسبب للعزل، قال الريسوني إن هذا المبرر، إن صحّ، كان يفترض أن يُطبّق على جميع المتغيبين دون استثناء، خاصة وأن أسماءهم وردت في تصريح رئيس المجلس الجهوي.
وختم الريسوني تدوينته بالقول إن الوزير اعتمد في قراره على الظهير المنظم للمجالس العلمية، دون الإشارة إلى المادة أو الفقرة القانونية التي استند إليها، واصفًا هذا الأسلوب بأنه لا يليق بمؤسسة يفترض أن تشتغل وفق قواعد دولة القانون والمؤسسات، قائلاً: “وكأن قاضيًا أصدر حكمًا مكتفيًا بالقول: بناء على القانون الجنائي أو مدونة الأسرة…”.





تعليقات
0