970*250
Media90|أعمدة الرأي

ليلة النصر الخالدة!

002
300*205

إثر اعتماد مجلس الأمن الدولي قراره التاريخي رقم 2797 الذي ينص على منح الصحراء المغربية حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية، باعتباره الحل الأكثر واقعية للنزاع المفتعل حول الصحراء، عاش المغرب مساء يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 ليلة استثنائية، ستظل موشومة في ذاكرة المغاربة من طنجة إلى لكويرة، لما تنطوي عليه من رمزية تاريخية كبيرة، ولكون القرار الأممي يشكل تتويجا لنضال مغربي دام خمسين سنة من الصبر والتضحيات، فضلا عن أنه يعزز تلك الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس.
حيث صوت أعضاء المجلس الدولي مساء يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 على مشروع قرار أمريكي وصف بالتاريخي لفائدة مغربية الصحراء، وحظي القرار بتأييد ساحق من 11 دولة، بينما امتنعت 3 دول فقط عن التصويت وهي روسيا، الصين وباكستان، فيما اختارت الجزائر، الطرف الرئيسي في النزاع مقاطعة التصويت، في حين لم يعترض أي عضو على القرار. وحسب المادة 27 من ميثاق الأمم المتحدة، فإن إقرار نص القرار يتطلب 9 أصوات على الأقل من أصل 15 صوتا، بما في ذلك أصوات الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن. ومن شأن استخدام حق النقض “الفيتو” الحيلولة دون اعتماد القرار، وهو ما لم يحدث، مما شكل صفعة قوية للجزائر التي ظلت حتى اللحظات الأخيرة تناور وتبذل قصارى جهدها لعرقلة المصادقة على القرار، أو تغيير جوهره ولو في الحد الأدنى.
والجميل في الأمر أن المغاربة لم ينتظروا كثيرا للتعبير عن فرحتهم وسعادتهم بهذا القرار التاريخي، الذي طالما ترقبوا حدوثه على مدى خمسة عقود، إذ مباشرة بعد إذاعة الخبر عبر مختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية، خرج آلاف المواطنات والمواطنين كبارا وصغارا عن بكرة أبيهم إلى الشوارع الرئيسية والساحات الكبرى بمختلف مدن وأقاليم المملكة للاحتفاء بهذا النصر الكبير والفتح المبين، حاملين الأعلام الوطنية وصور الملك محمد السادس، وهم يرددون هتافات النصر والاعتزاز بالانتماء للوطن، مؤكدين أن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه…
وليست وحدها هذه الاحتفالات الشعبية العفوية التي أضفت الدفء على هذا الحدث السياسي البارز، بل إن الأكثر من ذلك هو عدم تأخر الملك محمد السادس في مشاركة المغاربة ذلك الفرح الغامر، من خلال خطابه السامي الموجه إلى الأمة على بعد دقائق قليلة من صدور القرار الحاسم حول ملف الصحراء المغربية. إذ أبى جلالته إلا أن يستهل خطابه السامي بقوله تعالى “إنا فتحنا لك فتحا مبينا”، وحرص على أن يبعث من خلاله رسائل استراتيجية، تعكس بوضوح ثقة المغرب ملكا وشعبا في عدالة القضية ورصانة السياسة الخارجية، مؤكدا أن المغرب يعيش منعطفا حاسما ومرحلة فاصلة في تاريخه الحديث، وأن ما قبل 31 أكتوبر 2025 لن يكون أبدا ما بعده، إذ حان وقت المغرب الموحد ولن يعود بمقدور أي كان التطاول على حقوقه وحدوده التاريخية…
ففور تبني مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2797 الذي يكرس مغربية الصحراء، ويعد تتويجا لعدة سنوات من المثابرة والدبلوماسية الهادئة التي قادها العاهل المغربي بحنكة وبعد نظر، جاء خطابه السامي بليغا وحكيما، حيث أنه وبعد الإشادة بالدول الشقيقة والصديقة التي ساهمت في بناء هذا القرار الحاسم حول مغربية الصحراء، أشار بكل تواضع إلى أن المغرب سيظل حريصا على إيجاد حل لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، وأنه لا يعتبر هذه التحولات الطارئة انتصارا ولا أن يستغلها لتأجيج الصراع والخلافات، كما لم يفت جلالته في هذا السياق أن يدعو إخواننا المغاربة في مخيمات تندوف لاغتنام هذه الفرصة التاريخية لجمع الشمل مع الأهل، وأن يمد يده من جديد إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، داعيا إياه إلى حوار أخوي صادق ومسؤول لطي صفحة الخلافات وبناء مستقبل مشترك، يسوده الوئام والاحترام والثقة وحسن الجوار…
وفضلا عن أن الهيئات السياسية والمنظمات النقابية والحقوقية والأندية الرياضية وغيرها كثير، سارعت جميعها إلى تثمين الخطاب التاريخي وتهنئة ملك البلاد وعموم الشعب المغربي، على اعتماد مجلس الأمن قرارا حاسما لتكريس مشروعية الموقف المغربي وعدالة قضية وحدته الترابية، في تجسيد واضح لوجاهة الحكم الذاتي المدعوم برؤية تنموية متبصرة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية، فإن “مسعد بولس” كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية، أكد في أول تعليق رسمي له أن الإدارة الأمريكية تتبنى بالكامل الرؤية المغربية التي ترتكز على “حل دائم يقوم على حكم ذاتي حقيقي تحت السيادة المغربية، على أساس المقترح الموثوق والواقعي الذي قدمه المغرب” كما أعرب عن ترحيبه بدعوة الملك محمد السادس إلى حوار أخوي بين البلدين الشقيقين المغرب والجزائر، لبناء علاقات جديدة تقوم على الثقة والتعاون، بما يساهم في إنهاء هذا الصراع الذي عمر طويلا.
وإذ يعرب المغاربة في الداخل والخارج عن مدى سعادتهم بهذا النصر التاريخي الهام، فإنهم يعلنون عن التفافهم التام خلف قائدهم الهمام الملك محمد السادس، الذي لم يقعده المرض عن قضايا الوطن والمواطنين، حرصا منهم على جعل هذا “الانتصار الدبلوماسي” خلال المرحلة الانتقالية حلقة أخرى في مسلسل استكمال الوحدة الترابية، عبر مد جسور التوافق البناء بين دول المغرب العربي الخمس، في إطار التعاون والتكامل وتعزيز المسار السلمي إلى حين إنهاء النزاع بصفة دائمة…

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي Media90